يُعتبر سيجار توسكانو رمزًا من رموز الحرفية الإيطالية، حيث يمتد تاريخه لأكثر من قرنين من الزمن. يتميز هذا السيجار بشكله الفريد ونكهته القوية، وقد أصبح جزءًا لا يتجزأ من الثقافة والتقاليد الإيطالية. تعود قصة نشأته إلى حادثة غير متوقعة أدت إلى ابتكار هذا المنتج الفريد.
البداية: حادثة غير متوقعة في فلورنسا
في صيف عام 1815، تعرضت مجموعة من أوراق تبغ كنتاكي في مصنع التبغ في فلورنسا لموجة مفاجئة من الأمطار الغزيرة، مما أدى إلى تبللها وبدء عملية تخمير غير مقصودة بسبب حرارة الصيف. بدلاً من التخلص من هذه الأوراق، قرر مدير المصنع استخدامها لصنع سيجار منخفض التكلفة لبيعه لسكان فلورنسا. جاءت النتيجة سيجارًا بنكهة فريدة وقوية، لاقى استحسان السكان وأصبح شائعًا بسرعة. بحلول عام 1818، تم تأسيس مصنع مخصص لإنتاج سيجار توسكانو تحت رعاية الدوق الأكبر لتوسكانا، فرديناندو الثالث.
تطور الزراعة وعمليات الإنتاج
في البداية، تم استخدام تبغ كنتاكي المستورد من الولايات المتحدة في إنتاج سيجار توسكانو. ومع منتصف القرن التاسع عشر، بدأت محاولات لزراعة هذا النوع من التبغ في إيطاليا، واستمرت هذه المحاولات لأكثر من 40 عامًا حتى تم تأسيس زراعة تبغ كنتاكي محليًا. تُزرع أوراق التبغ المستخدمة في إنتاج سيجار توسكانو في مناطق مختلفة من إيطاليا، بما في ذلك توسكانا وكامبانيا، وتخضع لعملية تخمير خاصة وتجفيف بواسطة النار باستخدام أخشاب مثل البلوط والزان، مما يمنح السيجار نكهته المميزة.
دور النساء في صناعة السيجار
منذ بدايات إنتاج سيجار توسكانو، لعبت النساء دورًا محوريًا في عملية التصنيع. بحلول عام 1921، كان هناك أكثر من 2500 امرأة تعمل في مصانع السيجار، مما جعلهن من أكبر القوى العاملة النسائية في إيطاليا في ذلك الوقت. كانت مهاراتهن اليدوية الدقيقة أساسية في إنتاج سيجار عالي الجودة، واستمر هذا التقليد حتى اليوم، حيث تُعتبر حرفة لف السيجار يدويًا مهارة تنتقل من جيل إلى جيل.
الابتكار والتوسع في الأسواق العالمية
على مر السنين، استمر سيجار توسكانو في التطور والابتكار. في عام 1948، وُلد سيجار “Toscanello” نتيجة لقطع سيجار توسكانو التقليدي إلى نصفين لتسهيل استهلاكه، مما أدى إلى تجربة تدخين أكثر كثافة. في عام 2000، تم تقديم سيجار توسكانو بنكهة الأنيس، وتبعه سيجار بنكهة القهوة الذي حقق نجاحًا كبيرًا وأصبح من أكثر السيجار المنكهة مبيعًا في إيطاليا. بحلول عام 2016، تم توزيع سيجار توسكانو في 77 دولة حول العالم، مما يعكس شعبيته العالمية كرمز للأناقة الإيطالية.
الخاتمة
منذ حادثة التخمير غير المقصودة في عام 1815، تحول سيجار توسكانو إلى رمز من رموز الحرفية والثقافة الإيطالية. بفضل جودته ونكهته الفريدة، استمر هذا السيجار في جذب عشاق التبغ حول العالم، محافظًا على تقاليده مع مواكبة الابتكار والتطور.